معمر القذافي .. 42 عاما في حكم ليبيا….
الاسم وحده يكفي…
معمر القذافي
قال الشاعر الدمشقي نزار قباني في حينه عن الزعيم الليبي الراحل “إن معمر القذافي ليس زعيما كلاسيكيا ليناقش بطريقة النقد الكلاسيكي، وليس تمثالا محدد القسمات في متحف الشمع العربي. إنه ظاهرة استثنائية، كالبرق، والرعد، ورياح الخماسين”.
بهذه الكلمات نحاول في الذكرى السادسة لرحيل العقيد معمر القذافي وفي الذكرى السادسة لإشعال الحريق في ليبيا وفي الذكرى السادسة لما سماه البعض بيوم التحرير بهذه الذكريات نحاول أن نقلّب صفحات مشرقة في تاريخ ليبيا الحديث والمعاصر نبدأها من الصفحة القاتمة في العشرين من أكتوبر قبل عامين حين قامت دول الائتلاف الدولي بتزين سماء ليبيا لذر الرماد في عيون الليبيين وإقناعهم بأن حياة رغيدة ومستقبل مشرق ينتظرانهم بعد أن لزموا الصمت حيال اغتيال الزعيم القذافي.
ولكن ما إن مرت الذكرى الثانية لهذا اليوم حتى بدأت الفرحة تموت في عيون الليبيين وبدأت الحقيقة تتعرى أمامهم حتى في شرقي البلاد خالعة كل أثواب الزينة والبهرجة التي ألبسها الغربيون بأبواق عربية وخليجية ما لم يتوقعه الكثيرون من الباحثين والخبراء في الشأن الليبي الذين عزوا ذلك إلى عدم رضا المواطنين الليبيين عن أوضاع البلاد حاليا جراء الوضع الأمني المتدهور واستمرار الأزمات السياسية والاغتيالات المتكررة التي تشهدها المدن الليبية ما أدى إلى عزوف الآلاف منهم عن المشاركة في هذه الذكرى بل راحوا يتذكرون يوم الفاتح من سبتمبر.
إن تدمير ليبيا ونظامها العلماني الذي قدم أعلى المعايير في مستوى المعيشة في آسيا وأفريقيا تدميرا تاما كان مثابة الدرس الذي يحمل تحذيرا من الدول الإمبريالية للشعوب المتمردة عليها في شمال أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية فأي نظام يسعى إلى قدر أكبر من الاستقلال ومن التشكيك بسلطة الأمبراطورية الأمريكية والغربية ينتظره مصير ليبيا…
أراء الخبراء
ويقول جيمس بيترس الخبير بالشؤون السياسية الأمريكية إنه من الواضح تماما أن الحرب ضد ليبيا كانت كلها سواء استراتيجيا أم ماديا حرب حلفاء الناتو وإن تصوير هذا الخليط من أنصار الملكية والأصوليين الإسلاميين المنفيين إلى لندن وواشنطن وكذلك المنشقين عن معسكر القذافي لهذه الحرب بأنها ثورة تحرير هو محض دعاية كاذبة.
ويتابع بيترس فمنذ البداية اعتمد “المتمردون” اعتمادا كليا على قوة الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي والإعلامي من جانب دول حلف شمال الأطلسي ومن دون هذا الدعم ما كان للمرتزقة المحاصرين في بنغازي أن يستمروا حتى لشهر واحد والتحليل المفصل للخصائص الرئيسية للعدوان على ليبيا يؤكد أن كل “التمرد” ليس سوى حرب شنها حلف شمال الأطلسي.
مقارنات زمنية…
وقبل عام من اليوم قال الكاتب الصحفي محمد المفتي، “لا يخفي على المتابع بعد عامين من التحرير وجود العديد من السلبيات، بينها الأوضاع الأمنية المتدهورة” معربا عن أمله في بذل الدولة “مزيدا من الاهتمام بالجانب الأمني الذي يورق المواطن خصوصا في بنغازي” فيما أرجع عوض الصبيحي، عضو المجلس المحلي لمدينة بنغازي، عدم مشاركة الكثيرين في ذكرى التحرير إلى “عدم رضا الليبيين عن أوضاع البلاد في ظل استمرار تحديات كثيرة أهمها: غياب الجيش والشرطة وبالتالي الأمن، واستمرار القيادة المركزية للدولة، وتأخر المصالحة الوطنية، وتواصل أزمة البطالة، والتعثر في عملية تصدير النفط، وعدم التمكن من بناء مجتمع مدني قوي، إضافة إلى ملف العلاقات الدولية التي لم تكن في المستوى”.
ورأى وليد عبدالرحمن، وهو مواطن من مدينة بنغازي، أن الوضع الليبي سيء في الفترة الحالية بسبب كثرة الأخطاء التي قال إنها “بدأت منذ فترة المجلس الوطني الانتقالي (البرلمان المؤقت) معتبرا أن مرور عامين على ذكرى التحرير دون بناء جيش وشرطة “يعد فشلا ذريعاً” وناشد أعضاء المؤتمر الوطني إلى تحمل مسئوليتهم “التاريخية” بتصحيح الأوضاع “الرديئة” التي تعيشها ليبيا الآن.
وفي السياق ذاته قال عاطف الفرجاني وهو مواطن من مدينة بنغازي إنه “متفائل بمستقبل البلاد رغم المشاكل والعقبات” لافتا إلى ثقته بأن المواطنين سيصلون في نهاية المطاف إلى “دولة ديمقراطية قائمة على الحرية وسيادة القانون والمؤسسات”.
مبادئ القذافي وانجازاته الثورية
هكذا، وقد مر عام كامل على هذا التفاؤل وثلاثة أعوام على ما يسمى التحرير ولم يحدث أي تحسن في ليبيا بل ازدادت الأمور تفاقما وانتشرت الجريمة المبنية على الأسس القبلية والمناطقية وازداد القتل والاضطهاد وتشرد أكثر من نصف الشعب الليبي في دول الجوار حيث يلقى الازدراء والإهانة والكراهية في حين كانت الجماهيرية الليبية تأوي كل مشردي العرب والمسلمين وتطعمهم لأنها كانت تؤمن بما جاء على لسان الزعيم الراحل حين خاطب شعبه في البيان الأول لثورة الفاتح “…هاتوا أيديكم، وافتحوا قلوبكم، وانسوا أحقادكم وقفوا صفا واحدا ضد عدو الآمة العربية عدو الإسلام عدو الإنسانية، الذي أحرق مقدساتنا وحطم شرفنا، وهكذا سنبني مجدا ونحيي تراثا ونثأر لكرامة جرحت وحق اغتصب .”
كان أول قرار اتخذه القذافي هو إجلاء القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية من التراب الليبي، وبعد أقل من سنة كانت القواعد والمطارات الليبية قد فتحت أمام سلاح الجو المصري لتكون مطارات بديلة بعيدا عن ذراع العدو إسرائيل الطويلة ما جعل الغرب يدرك أن الشاب الثوري الذي طرد القواعد الأجنبية من بلاده بدأ يستقطب اهتمام الرأي العام العربي والعالمي أيضا، عبر نشاطه الدؤوب لفضح الاستعمار والاستعداد لتمويل وتسليح وتدريب أي قوة ثورية في العالم تقارع الامبريالية.
كانت بوصلة الرجل واضحة منذ اليوم الأول للثورة ولهذا صنفه الغرب مبكرا على أنه قائد عربي جديد يحمل أحلاما كبيرة ويريد استعادة أمجاد غابرة.. يقول الرئيس الأمريكي السابق ريغان: “إن ما يقلقنا هو أن القذافي يقوم بدور أكبر من حجم ليبيا أضعاف المرات”.
أبعاد الحرب الأطلسية على ليبيا
ويقول مراقبون إن الحرب الأطلسية- العربية على ليبيا عام 2011 كشفت للعالم عظمة هذا الفارس العربي البدوي، الذي يسكن الخيمة، ويشرب حليب النوق، ويمشي في الصحراء حافي القدمين، يجالس الناس تحت الشجر، ويسامرهم تحت القمر في ليل ليبيا الصحراوي الهادئ ودفع القذافي شخصيا ثمن مواقفه الثورية عبر 48 محاولة اغتيال موثقة كلها في إرشيف المخابرات الغربية والعربية، لكن الرجل لم يساوم، فقد واصل الطريق التي شقها بنفسه وكأنه كان على موعد مع القدر، فقد اختار أن يرسم بنفسه نهاية المشهد، وقليل من الرجال من يموت كما يشتهي فيما لم تكن رواية أنبوب الصرف الصحي إلا طبعة غير منقحة من قصة حفرة صدام حسين، بهدف محو صورة القائد البطل من أذهان الجماهير التي تعلقت به عقودا، وآمنت بفكره، وقدمت آلاف الشهداء دفاعا عنه.
وإذا كان تدمير واحتلال ليبيا يعنيان زمن العار بالنسبة إلى دول حلف الأطلسي فإنهما أيضا يحييان الأمل في أن يستطيع الشعب أن يقاتل ويصمد في وجه الآلة العسكرية الغاشمة والأقوى في التاريخ ولربما عندما يعي الناس أهمية المثال البطولي للمقاومة الوطنية الليبية وينقشع ضباب الدعاية الكاذبة سيواصل الجيل الجديد من المقاتلين المعركة من أجل التحرير الحقيقي لليبيا ويحولها إلى حرب شاملة ضد الأمبراطورية الاستعمارية من أجل تحرير الشعوب من نير الاستعمار الغربي.
- شهادات…
القذافي كان شخصا مريضا من الحثالة استعبد الشعب الليبي و بدد ثرواته. ليس قوميا و ليس يساريا بل مجرد مهرج مصاب بتضخم الانا ركب موجة اليسار و القومية. لو كان عند فيدل كاسترو ربع ما كان عند القذافي من النفط و الثروات لاصبحت كوبا دولة عظمى من العالم الاول. نعم القذافي تحالف مع روسيا لان ذلك كان مفيدا لنظامه لا لانه صاحب رؤية او مؤسس لنهضة. القذافي كان انتهازيا و احمقا تماما كصدام حسين و نظامه أصبح في سنواته الاخيرة خادما ذليلا عند الامريكيين و الاوروبيين. المأساة ان غالبية الذين حاربوا القذافي و أسقطوه متخلفون و لا يصلحون لحكم حظيرة. مسكين الشعب الليبي. من تحت الدلفة لتحت المزراب.
ان للقذافي العديد من المواقف والجوانب القومية والعربية والدولية المشرفة وتدعوا الى الفخر في الإطار العام ، وممكن بالمقاييس الدبلوماسية والعلاقات بين الامم في الجوانب السياسية ، ولكن في المقابل لقد ظلم شعبه ، غلب الجهال على المتعلمين ، دمر الاقتصاد والراس مال الوطني ، اكل الحقوق ، قتل طموح الشباب ، خراب في الادارة ، شاء الدمم ، افساد المجتمع والقيم الاجتماعية والأخلاقية ، تغليب القبيلة علي المجتمع المدني ، التفتيت بين المناطق ، مبدأ الولاء قبل الكفاءة ، وغيرها من الأمور الداخلية التي لا يعرفها الا أهل المدن ، وكلها من اجل مجد شخصي له فقط ، والدليل لم يصنع اي قيادات لها وزنها تقود المرحلة الحالية ، وهذا من الأخطاء الفادحة ، الشعب الليبي مصدوم من ضياع السنين الطويلة التي مرت بدون تحقيق حلم الشباب في بناء دولة عصرية مثل الدول العربية الآخرة والتي أصبحت مثل لدى المواطن الليبي وبكل حسرة ، المواطن الليبي يرى محصلة الأمن الأمن والامان الزائف الذي اعتمد علية القدافي
، لم يصنع رجال ولم يغرس حب الوطن في الشعب الليبي والدليل المليارات المنهوبة خارج الوطن
….
ليس في سجل معمر القذافي ما يجعله إنساناً سوياً، إذ باستعراض تاريخه ونشأته ما يجعل الشكوك تذهب إلى اليقين وأن نزعته للزعامة بإدارة الأفلاك الكونية حين بدأ بايهام نفسه أنه الوريث لعبدالناصر، ثم ركضه خلف اليسار، وإيواء عناصر الخطف والقتل من “بادر ماينهوف” إلى الألوية الحمراء، ومروراً بقوى الإرهاب المنظم، يضعنا أمام حقيقة أن الرجل يفتقر إلى أبسط معاني الإنسان المتوازن بسلوكه ومسؤولياته..
ففضيحة قواته التي هزمها التشاديون الفقراء، بما يشبه الأساطير حين وجدوا الأسلحة في صناديقها ومخازنها ليغنموا أكبر صفقة للسلاح بأبسط الإمكانات، ثم مروراً بمكافأة ضيفه موسى الصدر باخفائه، واعتماده نظرية الثورة العالمية بإمداد الفصائل الإيرلندية لمقاومة بريطانيا، ودخوله صلب الحرب في لبنان، وإرسال عملائه للقذف بالفلسطينيين على حدود مصر، وتسمية جمهوريته بالعظمى، ثم الكفر بالعرب والمسلمين في سبيل توحيد الولايات الافريقية، وأخيراً وليس آخراً الاعتراف بجرائم لوكربي، وإسقاط الطائرة الفرنسية المدنية، وتفجيرات ألمانيا، ودفع تعويضات خيالية بسبب نزوة جنونية، وكانت المملكة طرفاً بانقاذه من هذه الورطة، لكنه تنكر للجميل كعادته..
هذا بعض السجل الحافل للعقيد القذافي، وحين نضع صورته مجسّمة فقد تكون هذه الوقائع مجرد ملفات صغيرة فيما تخفيه أسرار أخرى، ولذلك لم يكن مستغرباً أن ترد اعترافات بعض الإرهابيين عن توظيفه له باغتيال سمو ولي العهد الأمير عبدالله لأن من تتلبسه حالات تفتقد لأبسط مفاهيم الإنسان العاقل والذي تديره غرائزه ونزواته، لا يستكثر عليه أن يقوم بمثل هذا الدور، في حين البند الأول في أي علاقة شخصية أو دولية تعتمد على مبدأ الثقة والقذافي لا يحمل أي مؤهل يضعه رجل دولة حين يتصرف بعقلية الإرهابي ليعود لنفس طبيعته التي اختار أن يكون الممثل لأسوأ ما في سلوك الإنسان..
فإذا كانت قوميته من بعض جرائمه، وفق صفقة تنازل فيها عن كل شيء حتى بتعرية من تعاملوا معه بأسرار عسكرية وسياسية، خوفاً من مصير صدام حين وُضع على القائمة الأولى بعد اسقاط حكمه، فقد أعيد تأهيله ليكون رجل مهمات أخرى بالتآمر، وإعطاء المنح، وخاصة لمن كانوا سبباً في إعادته إلى العالم الذي افتقد الاندماج به، أو قبوله في ناديه..
فضيحته التي نشرتها النيوزويك، قد لا تكون الأخيرة، خاصة إذا ما دخل في مشروع مع الموساد يكون هو اللعبة وليس اللاعب، وهو أمر يتوافق مع حالات الانقلابات التي باتت حالة مرضية لمثل هذا الرجل..