أنت و الفيسبوك؟ و الإدمان

 

ليس لعلاج هذا الإدمان عقاقير ولا حقن….

لا شكّ في أنّ الفيسبوك وسيلة تواصل اجتماعيّة رائعة، خلقت علاقات كانت مستحيلة في الزمن الماضي، وأحيت علاقاتٍ كانت ميتة، خصوصاً بين أصدقاء أو أقارب تفصل بينهم آلاف الكيلومترات، ولم يتّصل بعضهم ببعضٍ منذ سنواتٍ عديدة. لكنّ حبّ البحث عن الأصدقاء (أو عن أصدقاء) أو الأقارب ليس الدافع الأوّل عموماً لإنشاء صفحةٍ خاصّة على الفيسبوك. فالإدمان لا يبدأ من هنا

مراحل الإدمان  تبدأ من كلمة “بغيت أنا”…

يبدأ الإدمان حين يدفعني حبّ مواكبة العصر إلى إنشاء صفحةٍ خاصّة بي على الفيسبوك. فأنا لا أريد أن أشعر بالاغتراب حين أكون مع الآخرين، خصوصاً وأنّ موضوع الفيسبوك صار من الأحاديث اليوميّة.

وما إن أشبع هذه الرغبة حتّى أكتشف أخرى بحاجة إلى إشباع ..والفضول من سمات الإنسان. كلّ وسائل الإعلام والإعلان تعتمد على إثارته لتروّج لنفسها ولتجارتها. الفيسبوك يسمح لي بالدخول في خصوصيّة الآخرين: مَن أصدقاء فلان؟ مع مَن يتحدّث؟ ماذا يقولون؟ هل فلان على الفيسبوك في هذه الساعة؟ مَن كان معه في تلك الحفلة، في ذلك العرس، في تلك الرحلة؟ وكما هو حال الإدمان، لا أحد يقول عن نفسه إنّه فضوليّ، ولكنّنا كلّنا فضوليّون. فهل من وسيلةٍ تروي فضولي أفضل من الفيسبوك؟

المرحلة الثالثة هي تعزيز الأنا. وتبدأ بضمّ أكبر عددٍ ممكنٍ من الأصدقاء. كلّما ازداد عدد الأصدقاء انتفخ الأناإنّهم يطلبون صداقتي!

وما بعد الإدمان؟

الآن، وقد أدمنتُ على الفيسبوك، ماذا أفعل حين أنتهي من قراءة التعليقات والمشاركات؟ هل أقفل الجهاز وأذهب إلى انشغالاتي؟ لافالفيسبوك لذلك أراني أنتقل من الاهتمام بالأنا إلى الفضول، فأدخل إلى صفحات الآخرين لأرى متى كانوا على النِت، ومع مَن يتواصلون أكثر، وما هي تعليقاتهم، وما إليه من معلوماتٍ لا أريد منها أن أعرف الأشخاص أكثر وإنّما أن أعرف أمورهم الشخصيّة أكثر.

تشعّب الإدمان ومراحل سيطرته السلبية

بعد المرور بهذه المراحل، أو ببعضها، يبدأ إدمان الفيسبوك بالتشعّب.

التشعّب الأوّل هو التشات. فهناكَ مَن يترصّدون دخول الآخرين

 «أون لاين» كي يرسلوا إليهم كلمة هايأو مرحباً، في حين أنّهم لا يتوقّفون لتحيّتهم إذا ما صادفوهم في الطريق. لماذا؟ لأنّ مقابلة الآخر جسديّاً لا تجعلني سيّد اللعبة، في حين أنّني سيّدها في مقابلته إلكترونيّاً، فأستطيع أن أهمل محادثته متى أشاء أو أوقفها بدون حرج، لأنّ الأعذار جاهزة: انقطع الخطّ، دخل شخص إلى غرفتي ليكلّمني، كنتُ أحادث شخصاً ثالثاً أون لاين … حجج كثيرة أستطيع أن أبرّر بها عدم حضوري الكامل للآخر، ولا أستطيع أن أتحجّج بها حين أقابله جسديّاً.

التشعّب الثاني هو طاقيّة الإخفاء. كم سحرتنا هذه القصّة في طفولتنا ودغدغت أمنيةً غالية على قلوبنا. أتسلّل إلى حياة الآخر وأتفرّج كما يحلو لي بدون أن يراني أو يشعر بحضوري. وها إنّ الفيسبوك يحقّق لي هذه الرغبة اللاواعية. أتجوّل هنا وهناك بدون أن أترك أثراً. إنّني مراقب صامت «يتلصّص» على حميميّات الآخرين من نوافذهم الّتي تركوها مفتوحةً عمداً أو سهواً. وفي بعض الأحيان، أدخل إلى حياتهم بصورةٍ مخفيّة واسمٍ منحول وصفاتٍ مُنتَحَلة لأشبِعَ رغبة التلذّذ بالممنوع، وأطلق العنان لما هو مكبوت فيَّ.

التشعّب الثالث هو الألعاب.

 إنّها ليست خاصّة بالفيسبوك، ولكنّ الفيسبوك يقدّم عدداً كبيراً منها جذّاب ويشدّ الإنسان كي يقضي ساعاتٍ من التحدّي: تحدّي قدرة برنامج اللعبة أو تحدّي آخرين باللعب معهم. ومن هذه الألعاب ما يمكننا أن نسمّيه قماراً (مَيسَر) أبيض، تماماً مثل الكذب الأبيض الّذي نسعى من تلوينه إلى تبريره. واللاعبون يعرفون حقّ المعرفة هذه الألعاب، وصفقات التيبسات الّتي يبيعونها ويشترونها بالمال وليس بالرموز. وقد أكّد عدد من الناس أنّهم يكسبون من هذه الألعاب مصروفهم الشخصيّ أو يعيشون منها. وبسبب البعد العالميّ لهذه الشبكة، صارت التيبساتُ سلعة تُباع بين الدول. فأسعارها في الفيليبين أرخص من أوروبا، لذلك ظهرت طبقة من السماسرة تبيع هنا ما تشتريه من هناك. وبالتالي، صار قضاء عشر ساعاتٍ يوميّاً في عالم ألعاب الفيسبوك والاتّصالات أمراً مشروعاً. إنّها ساعات عمل تافه

صداع الراس..احمرار العيون ..آثار الإدمان الفيسبوكيّ

الآثار الجسديّة

صداع، احمرار بالعينين نتيجة الإجهاد البصريّ، تعب عامّ بسبب السهر حتّى ساعاتٍ متأخّرة من الليل، خمول جسديّ بسبب قلّة الحركة، آلام في الرقبة والكتفين والظهر بسبب الجلوس غير الصحّيّ أمام الكمبيوتر، دوالي في السّاقين وبواسير وإمساك بسبب الجلوس الطويل.

الآثار النفسيّة:

 شعور بالتوتّر عند انقطاع النِت أو عدم القدرة على استعماله، عصبيّة، تمتّع بالانعزال عن العالم الحقيقيّ، هروب من مواجهة الواقع، كسل، حبّ الوحدة، تشبّث بالرأي، حبّ السيطرة، مبالغة في الفضول، تعزيز للأنانيّة، تعب نفسيّ وقلق بانتظار ردّ الآخرين، تسرّع وعدم تركيز، إهمال الهوايات.

الآثار الاجتماعيّة

خلافات مع الآخرين لأنّ التعبير الكتابيّ أضعف من التعبير الكلاميّ حيث تساهم نبرة الصوت والنظرة والابتسامة في إيصال ما أريد قوله بشكلٍ صحيح، ضعف الترابط العائليّ وضمور العلاقات الاجتماعيّة. لم تعد هناك حاجة للزيارة أو التنزّه أو الذهاب إلى المطعم والمسامرة. فالفيسبوك لا يترك لي ما يكفي من الوقت لفعل ذلك، وهو يفي بالغرض إذ يمكّنني من استعمال بدائل عن الحضور الكامل للآخر جسديّاً.

الآثار الفكريّة

 لعلّها الأخطر في هذه المسألة. فالإنسان حيوان يفكّر، والفكر هو أهمّ ما يميّزه عن سائر الكائنات. مدمن الفيسبوك لا يطيق قراءة أكثر من بضعة أسطر إذا قرأ، ولا تدوين أفكاره بلغةٍ عربيّة مضبوطة إذا كتب، ويطّلع من مشاركات الآخرين على معلوماتٍ مجتَزَءة من دراساتٍ أو مقالاتٍ، فلا يكتسب ملء فكر المفكِّر الّذي اجتُزِءَ النصّ منه، ولا يتذوّق شعر الشاعر من بيتٍ يتيم ورده. كلّ الفيسبوكيّون يعرفون حال كتابات جبران خليل جبران مثلاً في شبكة التواصل هذه. هل قراءة سطرٍ لجبران يكافئ قراءة قصيدته الكاملة؟ ولعلّ الأخطر هو قضاء ساعاتٍ في قراءة مشاركاتٍ تتشعّب في مواضيعها بين العبارات الحكميّة والنكات والسخرية والتعليقات التافهة والآيات الكتابيّة والأخبار الاجتماعيّة والمعلومات العامّة … فيفقد الفكر قدرته على التركيز بسبب هذا التنوّع غير المترابط. إنّه مثل طالب يدرس، فيقرأ بضعة أسطرٍ من كتاب التاريخ، وأخرى من الجغرافيا، وأخرى من القواعد، وأخرى من الرياضيّات فالفيزياء والعلوم والفلسفة و… هل درس شيئاً أو بقي في ذهنه شيء؟

صاروخ “الفايسبوك” والدمار النفسي والجسدي..

منذ 3 سنوات تقريبا وحتى وقتنا هذا، يسيطر “فيسبوك” على الشبكة العنكبوتية بدرجة كبيرة، ولذلك لم يكن من المفاجيء أن يقفز الموقع للمرتبة الأولى عالميا من حيث عدد الزوار والأعضاء، وبما أن الأمر تحول إلى إدمان لدى طبقة عريضة من الشباب، دعونا نتعرف سويا اليوم على الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها مواجهة إدمان الفيسبوك، والتغلب عليه.

كيف تقلل من إدمان الفيسبوك…؟ 

لا تجعل “الفيسبوك” تركيزك الأساسي، بمعنى آخر، ليس من الضروري أن تقوم بتصفح الموقع فور الاستيقاظ كل يوم، وقبل الذهاب إلى السرير في كل ليلة.

لن تشعر بأن حياتك فارغة بدون “الفيسبوك”، فبإمكانك دائما اكتساب صداقات حقيقية، قضاء وقت ممتع مع عائلتك، أو التنزه في الخارج بصحبة حيوانك الأليف.

إذا اعترفت بأنك تمتلك مشكلة كبيرة في حياتك وهي إدمان الإنترنت فستتمكن من مواجهة الأمر بطرق عدة والتغلب عليه، أما إذا كنت ترى أن هذا الادمان لا ضرر منه، فلن تتمكن من المضي قدما إطلاقاً.

في كل مرة تقوم فيها بزيارة موقع “الفيسبوك” طوال اليوم، اكتب عدد الساعات التي قضيتها في تصفحه في ورقة، ثم احسب إجمالي الساعات التي قضيتها في نهاية اليوم لتعرف بالضبط الوقت الذي أضعته في تصفح الموقع كل فترة دون فعل أي شيء ذات معنى.

بدلاً من مقاطعة الموقع نهائياً حتى تتمكن من التغلب على مشكلة إدمانه، يمكنك تحديد فترة زمنية يومية تقدر بـ20 أو 30 دقيقة تزور فيها الموقع وتتعرف على أخر المستجدات، أما باقي الوقت فحاول الاستفادة منه في شيء أكثر قيمة ومنفعة.

قم بإيقاف الإشعارات أو التنبيهات الخاصة بموقع “الفيسبوك” على بريدك الإلكتروني وهاتفك الجوال، فأنت لست في حاجة ماسة لمعرفة من أرسل إليك رسالة ومن قام بالرد على ما كتبته، وهو الأمر الذي سيقودك إلى تفقد الموقع بطريقة متكررة، والعودة لقضاء ساعات طويلة أمامه.

يعتبر “الفيسبوك” وسيلة جيدة للتعبير عن أفكارك وآرائك الشخصية دون قيود، لذلك، لا مانع من زيارة الموقع حينما تتذكر معلومات قيمة أو فكرة مبتكرة ترغب بمشاركتها مع من تحب والاستماع إلى آرائهم حولها

حاول ألا تعتمد على الكمبيوتر بشكل أساسي في حياتك، فبدلاً من قضاء عدة ساعات أمامه لمشاهدة الأفلام والاستماع إلى الأغاني أو تصفح الإنترنت، يمكنك الذهاب إلى السينما أو الصالة الرياضية أو الخروج برفقة زملائك.

سيساعدك هذا الامر في العودة لتجربة الأشياء التي كنت تحبها في الماضي، فقط أحضر ورقة وتذكر الأشياء التي كانت تفعلها عادة قبل ظهور الفيسبوك وقضاء كل هذا الوقت أمامه، مثل القراءة وممارسة الألعاب الرياضية أو الذهاب في رحلات سياحية مع العائلة، وحاول تكرار هذه العادات مجدداً للإبتعاد عن عالم الفيسبوك الإفتراضي نهائياً.

إذا قمت بتنفيذ الخطوات السابقة ومازلت تعاني من ادمان الموقع، فبإمكانك التطرق للحل الأخير وهو التخلص من الموقع نهائياً عن طريق حجبه على الكمبيوتر الخاص بك باستخدام أحد البرامج الأمنية.

النساء أكثر إدمانا على الفايسبوك….(عــلاش) ؟

أظهرت أحدث الدراسات أن النساء يستخدمن الفيسبوك أكثر من الرجال، كما كشفت عن تأثير الاستخدام الطويل للفيسبوك على سوء المزاج والاكتئاب، لذا حاولي التحكم في وقت استخدامه، وإليك وسائل التخلص من إدمان الفيسبوك:

الاعتراف بالمشكلة: فهي خطوة أساسية لمواجهة الأمر، انظري بموضوعية للتأثير السلبي لهذه الساعات أمام الفيسبوك على وقتك وحياتك، أما إذا كنت ترين أن هذا الإدمان لا ضرر منه، فلن تتمكن من المضي قدما إطلاقاً.

احسبي الوقت: في كل مرة تقومي فيها بزيارة موقع الفيسبوك طوال اليوم، اكتبي عدد الساعات التي قضيتها في تصفحه في ورقة خارجية، ثم احسبي إجمالي الساعات التي قضيتها في نهاية اليوم لتعرفي بالضبط الوقت الذي أضعته في تصفح الموقع.

وقت محدد: بدلاً من مقاطعة الموقع نهائياً حتى تتمكني من التغلب على مشكلة إدمانه، يمكنك تحديد فترة زمنية يومية تقدر بـ20 أو 30 دقيقة تزورين فيها الموقع وتتعرفي على آخر المستجدات، أما باقي الوقت فحاولي الاستفادة منه في شيء أكثر قيمة ومنفعة.

أوقفي الإشعارات على بريدك: قومي بإيقاف الإشعارات أو التنبيهات الخاصة بموقع الفيسبوك على بريدك الإلكتروني وهاتفك النقال، فأنت لست في حاجة ماسة لمعرفة من أرسل إليك رسالة ومن قام بالرد على ما كتبته، وهو الأمر الذي سيقودك إلى تفقد الموقع بطريقة متكررة، والعودة لقضاء ساعات طويلة أمامه.
مشاركة أفكارك: يعتبر الفيسبوك وسيلة جيدة للتعبير عن أفكارك وآرائك الشخصية دون قيود، لذلك، لا مانع من زيارة الموقع حينما تتذكري معلومات قيمة أو فكرة مبتكرة ترغبي بمشاركتها مع من تحبين والاستماع الى آرائهم حولها.

تقليل الاعتماد على الكمبيوتر: حاول أن لا تعتمد على الكمبيوتر بشكل أساسي في حياتك، فبدلاً من قضاء عدة ساعات أمامه لمشاهدة الأفلام والاستماع إلى الأغاني أو تصفح الإنترنت، يمكنك الذهاب إلى السينما أو الصالة الرياضية أو الخروج برفقة زملائك.

تذكري ما كنتي تفعلين قبل الفيسبوك: سيساعدك هذا الأمر في العودة لتجربة الأشياء التي كنت تحبها في الماضي، فقط احضر ورقة وتذكري الأشياء التي كنت تفعليها عادة قبل ظهور الفيسبوك وقضاء كل هذا الوقت أمامه، مثل القراءة وممارسة الألعاب الرياضية أو الذهاب في رحلات سياحية مع العائلة، وحاول تكرار هذه العادات مجدداً للابتعاد عن عالم الفيسبوك الافتراضي نهائياً.

تخلصي من الموقع نهائياً: إذا قمت بتنفيذ الخطوات السابقة ومازلت تعاني من إدمان الموقع، فبإمكانك التطرق للحل الأخير وهو التخلص من الموقع نهائياً عن طريق منع حاسبك الآلي من الدخول إليه وحذف عنوانه من على الشبكة نهائياً

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *